سم الله الرحمن الرحيم
الأندلس قبل الإسلام
تشير الأدوات الحجرية ورسوم الكهوف إلى أن الإنسان استوطن شبه جزيرة أيبريا منذ أكثر من 10,000 سنة. وقد أقام الفينيقيون مدنا على السواحل. ثم ضمها الرومان إلى إمبراطوريتهم، حتى غزاها القوط الغربيون (Visigoth) حوالي عام 450 ضمن اجتياح مختلف قبائل البربر للإمبراطورية الرومانية. طرد القوط الغربيون قبائل الوندال البربرية إلى شمال أفريقيا. جاء اسم الاندلس من كلمة "وندال "حيث اصبحت واندالش ومنها اندلس والاندلس هي كل ارض دخلها المسلمين في شبه جزيرة ايبيريا حتى اصبحت في النهايه حوالي ثمان مدن
دخول المسلمين
في عام 711 م أرسل موسى بن نصير الوالي الأموي للمغرب القائد الشاب طارق بن زياد من طنجة مع جيش صغير من البربر والعرب يوم 30 أبريل 711، عبر المضيق الذي سمي على اسمه، ثم استطاع الإنتصار على القوط الغربيين وقتل ملكهم لذريق (Roderic or Rodrigo) في معركة جواداليتي في 19 يوليو 711.أو معركة وادى برباط في 28 رمضان 92هجرى بحلول عام 718 سيطر الأمويون على معظم أيبريا عدا جيب صغير في الركن الشمالي الغربي حيث أسس النبيل القوطي بيلايو مملكة أستوريا في نفس العام 718. واستطاع بيلايو الدفاع عن مملكته في وجه المسلمون في معركة كوفادونجا عام 722، ولجأ إلى مملكته المسيحيون الرافضون للحكم الإسلامي. تعتمد إسبانيا ذلك العام، 718، كبداية استرداد إسبانيا للمسيحية (Reconquista).
التوسع الإسلامي :-
واصل المسلمون التوسع بعد السيطرة على معظم أبيريا لينتقلوا شمالا عبر جبال البيرانيس حتى وصلوا وسط فرنسا وغرب سويسرا. هـُزم الجيش الإسلامي في معركة بلاط الشهداء (تورز) عام 732 أمام قائد الفرنجة شارل مارتل. فتح البرتغال: أرسل القائد موسى بن نصير إلى إبنه عبد العزيز ليستكمل الفتوحات في غرب الأندلس حتى وصل إلى لشبونه عاصمه البرتغال الآن
أما موسى بن نصير وطارق بن زياد فقد لإتجاها شمالا إلى بارشلونه ثم سراقسطه ثم شمال تجاه الوسط والغرب حتى إنتهى فتح كل الأندلس في 3 سنين ونصف
إمارة وخلافة قرطبة
تشمل هذة الفترة ممابين دخول عبد الرحمن الداخل إلى الاندلس 136 هجرية حتى سقوط الخلافة الاموية بعد اخر خليفة اموي و هو المستكفي سنة 416 هجرية و انتهاء الدولة الاموية و بدء عصر ملوك الطوائف و قد تحولت هذة الدولة من امارة إلى عهد عبد الرحمن الناصر الذي سمى الدولة بالخلافة .
ملوك الطوائــف
بسبب ضعف دول الطوائف عن الدفاع عن التراب الاندلسي ضد الهجوم الاسباني و سقوط طليطلة في ايدي الاسبان طلب الاندلسيون المعونة من قائد المرابطين في المغرب الامير يوسف بن تاشفين ان يهب لمساعدة الاندلس و انتهت مساعدته بهزيمة كاسحة للاسبان في موقعة الزلاقة و استعادة بعض المدن لكنه فشل في استعادة طليطلة و القضاء على ملوك الطوائف و اصبحت الندلس تابعة لدولة المرابطين في الاندلس الذين دافعو عن الاندلس ضد الاسبان في عدة مواقع الا انهم فشلو في الدفاع عن سرقسطة بقيام الثورة في المغرب بقيادة الموحدين و انهيار دولة المرابطون تحولت تبعية الاندلس إلى الموحدين الذين حملو راية الدفاع عن الاندلس في عدة مواقع اشهرها معركة الارك و لكن جيوش الموحدين ما لبث ان هزمت في موقعة العقاب على الرغم من ضخامتها و كبرها مما تسبب في انهيار دولة الموحدين نهائيا و مع انهيار الحكم الموحدي في الاندلس بدءت مرحلة جدية من الانهيار في الاندلس
مملكة الاندلــس
انهيار دولة الموحدين جعل الاندلس معرضة للهجمات الاسبانية دون حماية من الانهيار فسقطت العديد من الحواضر الاندلسية الكبرى فريسة للاسبان و بدا للعيان ان انسحاب العرب من الاندلس قد اصبح وشيكا الا ان الله قيض للاندلس ابن الاحمر ليحمي ما تبقى من التراث الاندلسي في مملكة غرناطة اخر القلاع العربية الباقية في الاندلس لمدة قرنين من الزمان
سقوط الأندلـس
بحلول عام 718 سيطر الأمويون على معظم أيبريا عدا جيب صغير في الركن الشمالي الغربي حيث أسس النبيل القوطي بيلايو مملكة أشتورية في نفس العام 718. واستطاع بيلايو الدفاع عن مملكته في وجه المسلمون في معركة كوفادونجا عام 722، ولجأ إلى مملكته المسيحيين الرافضين للحكم الإسلامي. تعتمد إسبانيا ذلك العام، 718، كبداية الاسترداد (Reconquista).
خروج الملك أبو عبد الله محمد الثاني عشر لتسليم مفاتيح الحمراء إلى ملكي قشتالة وأرغون. لوحة لفرنثيسكو براديا، القرن 19 .
--------------------------------------------------------------------------------------------------
بدات حضارة المسلمين فى الأندلس عبر ثمانية قرون من الزمان.. منذ أن فتحها طارق بن زياد وموسى بن نصير سنة (92هـ) وحتى سقوط مملكة غرناطة آخر دول الإسلام بالأندلس سنة (897هـ)، وقد تعاقب على حكم الأندلس خلال هذه الفترة ستة عصور تاريخية وهى :
1- عصر الولاة من سنة (95هـ) إلى سنة (138هـ)
2- الـدولة الأموية بالأندلس من سنة (138هـ) إلى سنة (422هـ)
3-عصر ملوك الطوائف من سنة (422هـ) إلى سنة (484هـ)
4- المرابطون بالأندلس من سنة (484هـ) إلى سنة (540هـ)
5- الموحدون بالأندلس من سنة (541هـ) إلى سنة (633هـ)
6- دولة بنى الأحمر فى غرناطة من سنة (636هـ) إلى سنة (897هـ)
ورغم ما كان يفصل بين هذه الدول والعصور من فواصل زمنية ومكانية إلا أنها كانت ترتبط جميعًا بحضارة واحدة ذات قيم خالدة وهى الحضارة الإسلامية التى كانت بحق إنسانية عالمية، قامت على الوحدانية فى العقيدة، والاستقامة فى الأخلاق، وأثبت التاريخ الأندلسى أنها حققت المساواة العنصرية والتسامح الدينى بين عناصر المجتمع هذا غير ما كان يميزها من وعى بالزمن ورفق بالحيوان ونبدأ الحديث عن عصور الأندلس بعصر الولاة الذى برز فيه عبد الرحمن الغافقى الذى واصل الفتوح فى أوربا حتى وصل بالقرب من باريس إلى أن أوقفه التحالف الصلبى، وهزمه فى معركة بلاط الشهداء، ثم تأتى الدولة الأموية بالأندلس والتى تعد أزهى العصور جميعًا وأطولها، وقد أسسها عبد الرحمن الداخل المعروف (بصقر قريش)، وقد قام بأعمال عسكرية كثيرة حتى يوطد حكمه فى قرطبة، ثم بدأ يسيطر على ما حولها من مدن الأندلس، وقد تعاقب على حكم الدولة بعده تسعة حكام، هم على الترتيب:
1- هشام الأول بن عبد الرحمن حكم فى الفترة من (172هـ) إلى سنة (180هـ)
2- الحكم بن هشام حكم فى الفترة من (180هـ) إلى سنة (206هـ)
3- عبد الرحمن الأوسط بن هشام حكم فى الفترة من (206هـ) إلى سنة (238هـ)
4- محمد بن عبد الرحمن حكم فى الفترة من (238هـ) إلى سنة (273هـ)
5- المنذر بن محمد حكم فى الفترة من (273هـ) إلى سنة (275هـ)
6- عبد الله بن محمد حكم فى الفترة من (275هـ) إلى سنة (300هـ)
7- عبد الرحمن الثالث الناصر بن محمد حكم فى الفترة من (300هـ) إلى سنة (350هـ)
8- الحكم بن عبد الرحمن حكم فى الفترة من (350هـ) إلى سنة (366هـ)
9- هشام الثانى بن الحكم حكم فى الفترة من (366هـ) إلى سنة (399هـ)
وفى عهد هشام الثانى استولى على الحكم المنصور بن أبى عامر إلى أن أسقطت الدولة الأموية عام (422هـ)، وبدأ عصر ملوك الطوائف، وقد كان لعبد الرحمن الداخل -مؤسس الدولة- جهود حضارية متميزة، فقد جمل مدينة قرطبة وأحاطها بأسوار عالية، وشيد بها المبانى الفخمة والحمامات والفنادق، ومن منشآت عبد الرحمن المهمة جامع قرطبة الذى لا يزال ينطق حتى الآن بالعظمة والجلال، ثم نأتى إلى فترة حكم عبد الرحمن الناصر الذى يعد عصره أزهى عصور الأندلس جميعًا، فقد حكم الأندلس خمسين عامًا أثبت خلالها أنه أكفأ الحكام، وأحرز نجاحًا تامًا فى ميدان السياسة والحضارة، وكانت قرطبة فى عهده تضاء بالمصابيح ليلًا لمسافة 16 كم2، وكانت مبلطة ومحاطة بالحدائق الغناء. وفى سنة (422هـ) سقطت الدولة الأموية بالأندلس لتبدأ عصور الضعف بعصر دول ملوك الطوائف، فقد توزعت الأندلس على الأمراء فبنى كل منهم دويلة صغيرة، وأسس فيها أسرة حاكمة من أهله وذويه، وبلغت هذه الدويلات أكثر من عشرين دويلة كان يسودها الاضطراب والفوضى والفتن، وكانت هذه فرصة سانحة لكى يقوى شأن النصارى الإسبان، وكان الفونس أمير النصارى يفرض إتاوات على بعض الإمارات التى تطلب مساعدته. وتفاقم الأمر بسقوط طليطلة فى يد النصارى سنة (478هـ)
فأسرع المعتمد بن عباد أمير دولة بنى عباد يستنجد بدولة المرابطين فى المغرب، واتفق مع يوسف بن تاشفين على مواجهة النصارى، وبالفعل استطاع المسلمون تحقيق نصر عسكرى كبير على النصارى فى موقعة الزلاقة، وما لبث المرابطون حتى استولوا على حكم الأندلس، وهى دولة مجاهدة استطاعت إنقاذ الأندلس من السقوط فترة ليست بالقليلة من الزمن حتى ضعفت وتهاوت لترثها دولة الموحدين الذين واصلوا حماية الأندلس بانتصارهم على النصارى فى موقعة الأرك، واستمرت الأعمال العسكرية بينهما حتى أخذ الموحدون ضربة قاسية بهزيمتهم فى معركة العقاب، وكانت هذه الهزيمة من أسباب تحطيم الوجود الإسلامى فى الأندلس كلها فقد سقطت دولة الموحدين وسقطت إشبيلية، وتهاوت كثير من المدن الأندلسية أمام زحف النصارى، فقد سقطت سرقسطة سنة (512هـ)، وبعدها مرسية سنة (633هـ) وتبعتها المرية، ومالقة، وبلنسية، وأشبونة وأصبح حكم المسلمين محصورًا فى غرناطة التى أسس عليها بنو الأحمر أو بنو نصر دولة حكمت قرابة قرنين ونصف من الزمان حتى تهاوت هى الأخرى وبسقوطها تم سقوط الأندلس سنة (897هـ)
والآن يسرنى أن أصحبكم فى جولة سريعة لنطالع روائع الحضارة الإسلامية فى الأندلس عبرالعلوم والفنون والآثار وأبرز ما نشاهد بالأندلس هذه الإنجازات المبهرة فى العمارة فلا يزال العالم يشاهد وبإعجاب قصور المعتمد بن عباد فى إشبيلية، وقصر الحمراء فى غرناطة الذى كتب عنه الشاعر الفرنسى الشهير فيكتورهوجو قصيدة طويلة مطلعها: "أيتها الحمراء.. أيتها الحمراء.. أيها القصر الذى زينتك الملائكة كما شاء الخيال وجعلتك آيه الانسجام.. أيتها القلعة ذات الشرف المزخرفة بنقوش كالزهور والأغصان المائلة إلى الانهدام.. حينما تنعكس أشعة القمر الفضية على جدرك من خلال قناطرك العربية يسمع لك فى الليل صوت يسحر الألباب".
ومن القصور إلى المساجد فنشاهد روائع فن العمارة فى: مسجد قرطبة الجامع وجامع الموحدين بإشبيلية، والمسجد الجامع بالمرية، وقد اهتم حكام الأندلس بالعمارة الحربية فبنوا الأسوار والقلاع والقناطر، ولعل أبرز مثال نشاهده فى ذلك أسوار قرطبة، و قناطر طليطلة. وكان الطراز الأموى بالأندلس هو أبرز سمات الفن الأندلسى، ومن خلاله برع الأندلسيون فى فنون النحت على الخشب، وزخرفة الخزف والنسيج إلى جانب التحف المعدنية الرائعة. وافتحوا معى عقولكم، وركزوا أسماعكم معى ونحن نتحدث عن أروع صفحات الحضارة الإسلامية فى الأندلس فى مجال العلوم. فقد بدأت الحركة العلمية فى الأندلس منذ استقرار المسلمين على أرضها، وكانت أهم ملامح هذه الحركة تشجيع الحكام والأمراء على التعليم، وبناء المدارس والمكتبات، وكان بعض الحكام يدفعون الأموال الطائلة لشراء الكتب، وتشجيع
الحركة العلمية التى قامت على أسس إسلامية ومنهج تجريبى فى العلوم، فشهدت الأندلس نهضة شاملة فى العلوم النظرية والعملية فى الوقت الذى كانت فيه أوربا تتخبط فى ظلام الجهل والتخلف إلى أن بدأ أنتقال الحضارة الإسلامية إلى أوربا شيئًا فشيئًا من خلال الترجمة. ونبدأ بالعلوم النظريةفقد برع فى علوم القرآن وعلم الحديث الشريف عدد كبير من العلماء، ولعل أشهرهم الإمام القرطبى صاحب كتاب "الجامع لأحكام القرآن"، وفى الفقه شهدت الأندلس انتشارًا كبيرًا لمذهب الإمام مالك بن أنس ثم تبعه المذهب الشافعى، ولعل أجمل ما يدرس فى العلوم النظرية الأدب الأندلسى الذى ازدهر مع تطور البحث فى علوم اللغة العربية، ولا ننسى الفلسفة وعلم الكلام، فقد برز فيها الفيلسوف الشهير ابن رشد، وأما فى التاريخ والجغرافيا فقد برع كثير من العلماء ومنهم: ابن الفرضى ومحمد بن الحارث الخشنى، وأما فى العلوم العملية فقد كان من أوائل من اشتغل بالرياضيات والكيمياء فى الأندلس أبو القاسم المجريطى كما برع عباس بن فرناس فى علم الهندسة، وهو أيضًا صاحب أول محاولة للطيران، ونبغ فى علم الفلك أبو عبيدة القرطبى، ولا ننسى أن نشير إلى أشهر أطباء الأندلس أبو القاسم الزهراوى الذى برع فى الطب والصيدلة، وبرع فيهما أيضًا الطبيب العلامة ابن البيطار الذى اشتهر بدراسة النبات وساهم فى تقدم الزراعة بالأندلس، ومن الجدير بالذكر أن هذه النهضة العلمية واكبتها نهضة إدارية من خلال عدد من المؤسسات والنظم الرائدة فى الحكم ومنها الإمارة والوزارة، وقد تطورت أنظمة القضاء والشرطة والحسبة. وقد عمل حكام الأندلس على تنظيم جيش قوى وأسطول بحرى يساعده تقدم ملموس فى الصناعات المختلفة، وقد وقف خلف كل هذه الإنجازات المئات من أعلام المسلمين بالأندلس والذين لا يتسع المجال لذكرهم .