الساعة الآن تمام الواحدة صباحاً ، والحزن أو الخوف – أيهما أعمق – يملئ الفراغ بين عيني وبين شباك رديء الإحكام ، يسرب ضوءاً خافتاً من الشارع الأبكم. الكل – تقريباً – نائمون. وأسمع أصوات مرور العربات المسرعة من بعيد. تخدش قدسية الصمت الإجباري الذي أسكن فيه. تماماً كما يفعل التلميذ عندما يخط خطاً أفقياً على سبورة سوداء ، ناصعة السواد. العتمة المقلّمة بكاروهات الضوء الخافت – كما قلت – قميص الرؤية المبتلة بدموع تسيح كالشمع على وجه لا أعرف ملامحه على وجه الدقة.
أم بعد ،،،
كم أشتاقكِ هذه اللحظة تحديداً. أعرف أنني معلق على بوابات تاريخك المعاصر. اسم منقوش على خشبة باب متهالك بفعل الرطوبة. العتمة الحالية هي الجو الأمثل لسينما الذكريات . كل المقاطع لقطات لوجهك في أكثر من حالة: وجه مبتسم كابتسامة الأطفال – وجه غاضب – وجه سارح – وجه حزين – وجه متيم – وجه يحمل في كل (سم2) منه ذكريات مؤلمة وأحلاماً ما تزال معلقة على مداخل أملٍ مصاب بالهزال.
لا تسأليني كيف أكتب لك في هذه العتمة. ربما لن أستطيع أن أشرح كيف تستحيل العتمة إلى دفتر بأوراق بيضاء ، وتصبح العينان محبرتين ، وهاجسي قلم. إنها فلسفة الألم يا حبيبتي. عندما أعتمد على سيكولوجيا التواصل اللاإرادي ، أتكئ على جدار بارد من الشعور الذي لا ينام. أعرف عندها أنك مستيقظة ، ومستعدة لتلقي الرسالة.
لا أعرف عدد صفحات هذا الدفتر ، ولكن الليل كفتاة مومس ، تمشي بغنج ، تنشر عطرها الأسود في الأرجاء ، ويتعلق طرف ثوبها بمسمار ما في أقاصي أطراف السماء ، فلا تتحرك. كل ما أملك أن أقوله لك: أنني أحبك رغماً عن المكالمة الأخيرة. وأعشق رائحتك التي تعني أن أنتمي. وما تزال صورتك بالقميص T-Shirt الأسود عالقة بذهني سواء أغمضت عيني أو فتحتهما. اعلمي فقط أنني أريدك كما لا يغادر النحل زهره آخذاً منها الرحيق وتاركاً آثار رائحة.
أثقلت عليك؟ إذاً تصبحين علي !!